فصل: استيلاء شرف الدولة بن عضد الدولة على فارس واقتطاعها من أخيه صمصام الدولة.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.استيلاء عضد الدولة على بلاد الهكارية وقلعة سندة.

كان عضد الدولة قد بعث عساكره إلى بلاد الاكراد الهكارية من أعمال الموصل فحاصر قلاعهم وضيق عليهم وكانوا يؤملون نزول الثلج فترحل عنهم العساكر وتأخر نزوله فاستأمنوا ونزلوا من قلاعهم إلى الموصل واستولت عليها العساكر وغدر بهم مقدم الجيش فقتلهم جميعا وكانت قلعة بنواحي الجبل لأبي عبد الله المري مع قلاع أخرى وله فيها مساكن نفيسة وكان من بيت قديم فقبض عليه عضد الدولة وعلى أولاده واعتقلهم وملك القلاع ثم أطلقهم الصاحب بن عباد فيما بعد واستخدم أبا طاهر من ولده واستكتبه وكان حسن الخط واللفظ.

.وفاة عضد الدولة وولاية ابنه صمصام الدولة.

ثم توفي عضد الدولة ثامن شوال سنة اثنتين وسبعين لخمس سنين ونصف من ولايته العراق وجلس ابنه صمصام الدولة أبو كليجار المرزبان للعزاء فجاءه الطائع معزيا وكان عضد الدولة بعيد الهمة شديد الهيبة حسن السياسة ثاقب الرأي محبا للفضائل وأهلها وكان كثير الصدقة والمعروف ويدفع المال لذلك إلى القضاة ليصرفوه في وجوهه وكان محبا للعلم وأهله مقربا لهم محسنا إليهم ويجلس معهم ويناظرهم في المسائل فقصده العلماء من كل بلد وصنفت الكتب بإسمه كالإيضاح في النحو والحجة في القراآت والملكي في الطب والتاجي في التواريخ وعمل البيمارستانات وبنى القناطر وفي أيامه حدثت المكوس على المبيعات ومنع من الاحتراف ببعضها وجعلت متجرا للدولة ولما توفي عضد الدولة اجتمع القواد والأمراء على ابنه أبي كليجار المرزبان وولوه الملك مكانه ولقبوه صمصام الدولة فخلع على أخيه الحسن أحمد وأبي ظاهر فيروز شاه وأقطعهما فارس وبعثهما إليها.

.استيلاء شرف الدولة بن عضد الدولة على فارس واقتطاعها من أخيه صمصام الدولة.

كان شرف الدولة أبو الفوارس شرزيك قد ولاه أبوه عضد الدولة قبل موته كرمان وبعث إليه فلما بلغه وفاة أبيه سار إلى فارس فملكها وقتل نصر بن هرون النصراني وزير أبيه لأنه كان يسيء عشرته وأطلق الشريف أبا الحسن محمد بن عمر العلوي كان أبوه حبسه بما قال عنه وزيره المظهر بن عبد الله عند قتله نفسه على البطيحة وأطلق النقيب أبا أحمد والد الشريف الرضي والقاضي أبا محمد بن معروف وأبا نصر خواشادة وكان أبوه حبسهم وقطع خطبة أخيه صمصام الدولة وخطب لنفسه وتلقب بأخي الدولة ووصل أخوه أبو الحسن أحمد وأبو ظاهر فيروز شاه اللذان أقطعهما صمصام الدولة بشيراز فبلغهما خبر شرف الدولة بشيراز فعاد إلى الأهواز وجمع شرف الدولة وفرق الأموال وملك البصرة وولى عليها أخاه أبا الحسين ثم بعث صمصام الدولة العساكر مع ابن تتش حاجب أبيه وأنفذ مشرف الدولة مع أبي الأغر دبيس بن عفيف الأسدي والتقيا بظاهر قرقوب وانهزم عسكر صمصام الدولة وأسر ابن تتش الحاجب واستولى حينئذ الحسين بن عضد الدولة على الأهواز ورامهرمز وطمع في الملك.

.وفاة مؤيد الدولة صاحب أصفهان والري وجرجان وعود فخر الدولة إلى ملكه.

ثم توفي مؤيد الدولة يوسف بن بويه بن بهن الدولة صاحب أصفهان والري بجرجان سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة واجتمع أهله للشورى فيمن يولونه فأشار الصاحب إسمعيل بن عباد بإعادة فخر الدولة إلى ملكه لكبر سنه وتقدم إمارته بجرجان وطبرستان فاستدعوه من نيسابور وبعث ابن عباد من استخلفه لنفسه وتقدم إلى جرجان فتلقاه العسكر بالطاعة وجلس على كرسيه وتفادى ابن عباس من الوزارة فمنعه واستوزره والتزم الرجوع إلى إشارته في القليل والكثير وأرسل صمصام الدولة وعاهده على الاتحاد والمظاهرة ثم عزل الأمير نوح أبا العباس تاش عن خراسان وولى عليها ابن سيجور فانتقض تاش ولقيه ابن سيجور فهزمه فلحق بجرجان فكافأه فخر الدولة وترك له جرجان ودهستان وأستراباذ وسار عنها إلى الري وأمده بالأموال والآلات وطلب خراسان فلم يظفر بها فأقام بجرجان ثلاث سنين ثم مات سنة سبع وتسعين وثلاثمائة كما ذكرنا في أخبار بني سامان.

.انتقاض محمد بن غانم على فخر الدولة.

قد تقدم لنا ذكر غانم البرزنكاني خال حسنويه وأنهم كانوا رؤساء الأكراد وأنه مات سنة خمسين وثلاثمائة وكان ابنه دلسيم مكانه في قلاعه قستتان وغانم أبا وملكها منه أبو الفتح بن العميد ولما كانت سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة انتقض محمد بن غانم بناحية كردون من أعمال قم على فخر الدولة ونهبت غلات السلطان وامتنع بحصن الفهجان واجتمع إليه البرزنكان وسارت العساكر لقتاله في شوال فهزمها مرة بعد أخرى إلى أن بعث فخر الدولة إلى أبي النجم بدر بن حسنويه بالنكير في ذلك فصالحه أول أربع وسبعين وثلاثمائة ثم سارت إليه العساكر سنة خمس وسبعين وثلاثمائة فقاتلها وأصيب بطعنة ثم أخذ أسيرا ومات بطعنته.